السؤال:
السلام عليكم.
أشكر لكم جهودكم، وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، أنا أشكي من مشكلة عارضة أرجو أن أجد ردًّا سريعًا، ومشكلتي في ابني الذي لم يكمل السادسة عشر، فرغم اجتهادنا في تربيته تربية صالحة إلا أنني علمت أنه يدخن، أعلم أن أصدقاء السوء هم السبب في ذلك، ورغم تحذيرنا له منهم ومن الوقوع في الخطأ إلا أنه لا يستجيب فقد تعلق بهم كثيرًا وقد تعرف عليهم في المدرسة، أريد أن ترشدني خطوة خطوة في كيفية توجيهه وإرشاده، مع العلم أننا كثيري النصح والتوجيه له، لكنه أمامنا شخص وأمامهم شخص آخر، أريده أن يقلع عن التدخين في أسرع وقت، فأنا مصدومة فيه كثيرًا.
الجواب:
إن التدخين ليس مشكلة فحسب، بل هو عمل محرم، وعادة سيئة تدق مسامير نعش الشباب، وتنهش في جسد الشعوب وتقودهم إلى دائرة الهلاك، ونرى لكِ من الحلول ما يلي:
1- الاستعانة بالله عز وجل، واللجوء إليه، ودعائه بأن يقلع ولدك عن التدخين، وأن يبارك الله في الجهود لحل المشكلة، فإن الدعاء سلاح غفل عنه كثير من الناس.
2- التوكل على الله- تبارك وتعالى-، وتفويض الأمر إليه، وتعليق القلب به في حل المشكلة، وما ظنك، وقد ضمن الله جل وعلا لمن توكل عليه القيام بأمره، وكفايته همه، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: من الآية 3]، أي: كافيه. لأن كثيرًا من الناس إذا وقع في مصيبة، علّق أماله على غير الله (فلان + طبيب + دواء + شهادة + شفاعة + مال + وظيفة +...) كلها أسباب نستعملها ونجهد في تحصيلها، لكن قد ينفع الله بها لحكمة أرادها، وقد لا ينفع الله بها لحكمة لا يريدها، فافهمي ذلك جيدًا.
3- ضرورة تعاون الأسرة جميعًا، وإشعارهم بخطر المشكلة، وإقناعهم بذلك، بدء بوالده وانتهاء بإخوانه وأخواته، حتى يكون أهل البيت يدًا واحدة ضد المشكلة.
4- من الأساليب الأولية النافعة، النصيحة من الجميع بترك التدخين، منعه من الدخول به في البيت، ومعاتبته بالحسنى، وإظهار عدم الرضا إذا شمَمت فيه رائحته، التنفير من مرافقته لفلان وعلان ممن يدخنون، منع بعض الأمور المحببة إليه إذا دخن، وإظهار الامتعاض من والديه تجاه المشكلة.
5- بذل الجهد في محاورة الأب، وإقناعه بأن التدخين محرم، ويخوف بالنصوص، مثل قوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: «من تحسى سمًّا فقتل نفسه، فسُمهُ في يده يتحسّاه في نار جهنم خالدًا فيها أبدًا»، وأنه ضار بصحته وبدنه بل هو قاتل بطيء من حيث لا يشعر وأن الدراسات أثبتت أن المشكلة تبدأ من التدخين، وتنتهي بالمخدرات، وأنه يجب تركه والإقلاع عنه نهائيًّا، خوفًا من الله عز وجل، ثم خوفًا من الأمراض الناتجة عنه، وقد أثبتت الدراسات أن من يتركه خوفًا من الأمراض فقط، لا يلبث إلا مدة يسيرة ثم يعود إليه، فانتبهي لذلك، لكن تركه له خوفًا من الأمراض يُعد خطوة كبيرة، يجب أن تستثمر وتكون محل الانطلاقة. ويحسن بعد ذلك الحوار، إعطاؤه شريطًا مسموعًا، ليستمع له بعنوان (قرارك بيدك) لسعيد بن مسفر، فهو شريط بديع أبدع فيه صاحبه، وعليكِ متابعته حتى يستمع له كاملًا.
6- شجعوه على تركه إياه، بالثناء عليه بالقول أو الفعل، كإهدائه هدية معينة أو مكافآته برحلة خاصة له مع أهل البيت، أو ما يكون عظيمًا عنده ويحبه، ولا ضرر عليه فيه، وإن كلف ماديًّا مالًا كبيرًا فالأنفس تروح ولا تجيء والمال يروح ويجيء وكل بحسبه.
7- أعلموه أنه وإن كان الإقلاع عن التدخين عملية صعبة، فإن الملايين من المدخنين قد أفلحوا في الإقلاع عنه.
8- أشعروه أن المشكلة مشكلة الجميع، وأن ضررها على البيت كبير، وأن العدوى قد تنتقل إلى والدك، إلى إخوانك، إلى أخواتك.
9- ليقم والده أو غيره، بزيارة المرشد الطلابي في مدرسته، والبحث معه في سبيل إقلاع الابن عن التدخين وربطه ببعض المعلمين الأخيار الأكفاء، والتحاقه بنشاط أو غيره.
10- لا تترددي إن احتاج الأمر أن تنقلوه إلى مدرسة أخرى، ليرتبط بصحبة طيبة دلكم عليها أحد من الناس تثقون به.
11- إذا لم يتوفر شيء من ذلك، فابحثوا له عن رفقاء صالحين أو أخيار لا يُدخنون، وأقنعوه بصحبتهم، وأنه لن يجد مثلهم في محبتهم له، ونفعه بكل ما يستطيعون.
12- حاولي البحث عن رجل يقتنع به، ويقبل منه، ويباشر هو بنفسه توجيهه ومناصحته، فقد يكون تركه للتدخين على يدي ذلك الرجل المنتظر.
13- أثناء تلك المدة، حاولي جاهدة أن يُقلل من التدخين بقدر المستطاع، ولو كان مُكرهًا.
14- خلصيه من كل أدواته التي تذكره بالتدخين (الغرفة، الحمام، الملابس جميعها، المدرسة، الرفقة ولو كانوا أقارب، استراحات محددة، ملاعب محددة، أماكن تنزهات محددة، زيارة بيوت محددة، جيران، أقارب، زملاء، مشروبات محددة، مأكولات محددة، اعتادها مع التدخين).
15- استبدلي ما منعتيه منه بمثله أو أحسن منه.
16- لا تجعليه وحده في غرفته لساعات طويلة، بلا مُبرر، فإن ذلك يعينه على ترك التدخين، وهكذا ليصحبه والده مع في قضاء حاجاته أو زياراته أو تنزهه أو تمشيه، ليعينه على نفسه.
17- اجعلوه يحدد موعدًا نهائيًّا للإقلاع عن التدخين، حتى يتهيأ نفسيًّا وبدنيًّا لتركه، وذكروه بشهر رمضان وأنه يقضي الساعات الطويلة بلا دخان.
18- إذا صار يتكلم بأنه لا يستطيع تركه، أو دائمًا يفكر في التدخين، فتحدثوا معه بأن هذا ابتلاء من الله، ولابد من الصبر وأضربوا له مثلًا، كمن به مرض مزمن خطير، فهو يخاف دائمًا من الموت، ومع ذلك يصبر ويحتسب، فلماذا لا تصبر أنت؟
19- أرشدوه إلى ممارسة بعض أنواع الرياضة إن كان يطيقها، أو قراءة كتاب إن كان يرغب ذلك، بهدف إشغاله عن التدخين، أو صرف تفكيره إلى شيء أخر ينسيه التدخين.
20- حاولوا جميعًا عدم تعريضه للأوضاع والسلوكيات التي تجعله يرغب في التدخين، مثل الانفعال والغضب والملل والوحدة.
21- في تلك الأثناء إن كان مصرًّا على التدخين، فهناك بعض الإجراءات تجعله يخفف من المداومة عليه، ويكرهه، وإن كان راغبًا في تركه، فهي تساعده على التخلص من التعلق به.
22- هذه الإجراءات هي علاج للاضطرابات البدنية أو النفسية أو في النظام الغذائي، فينبغي ألا تقلقوا من الاضطراب لديه، فهو شيء طبعي، لكن أرشده إلى بعض الأساليب الناجحة في مكافحة الاضطرابات تلك، وأنه من التزم بها فهي تختفي بإذن الله- عز وجل- في خمسة أيام تلقائيًّا.
23- الحلول الأعراض ليمارس هوايته المفضلة والمفيدة، وليشغل فمه بالسواك أو ببعض الحلوى التشوق والتفكير في السيجارة ليتنفس بعمق الشعور بتغير المزاج لينم وقتًا كافيًا الشعور بالتعب والإنهاك ليشرب كميات وفيرة من الماء والعصيرات جفاف الفم والحق ليتناول حمامًا دافئًا يوميًّا الكحة واضطرابات النوم ليذهب حيث الهواء المنعش الشعور بالدوخة ليذهب للتسوق أو للزيارة الشعور بالملل في الفترة المسائية ليستعمل العلكة (اللبان) الشعور بالجوع ليمارس التمرينات الرياضية الشعور بالتوتر ليستمع إلى القرآن أو المحاضرات أو الأناشيد الملل أثناء القيادة ليغير عمله أو ينشط في عمل آخر ضعف التركيز ليتناول الفاكهة بكثرة الإمساك.
24- أرشده إلى الإكثار من تناول الماء لتطهير الجسم من النيكوتين والمواد الضارة، مع التقليل من شرب الشاي والقهوة.
25- لابد أن يتناول كوبًا من عصير البرتقال أو الليمون بعد الإفطار يوميًّا، لأنه يثبط الرغبة في التدخين.
26- ليهتم بالاسترخاء خلال الأيام الأولى من الإقلاع عن التدخين مع الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات والحرص على تجنب الأطعمة الدسمة.
27- ليكثر من شرب السوائل وخصوصًا الماء، لتساعد الرئتين في تنظيفها من باقي التدخين.
28- نشير عليكم إذا لم يستجب الابن، أو كانت استجابته ضعيفة، زيارة الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين أو أحد فروعها المنتشرة في المملكة العربية السعودية، وذلك بغرض الاستفادة من إمكاناتها وطرق العلاج لديها النفسي والعضوي. وموقعها الإلكتروني في المملكة:
www.sas-s.org
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الكاتب: جمّاز الجمّاز.
المصدر: موقع المسلم.